تحقيق أممي يتهم فنزويلا بارتكاب جرائم ضد الإنسانية خلال قمعها المعارضة
تحقيق أممي يتهم فنزويلا بارتكاب جرائم ضد الإنسانية خلال قمعها المعارضة
قال خبراء في الأمم المتحدة، الثلاثاء، إن أجهزة الاستخبارات الفنزويلية ترتكب جرائم ضد الإنسانية في إطار خطة دبرها الرئيس ومسؤولون آخرون رفيعو المستوى لقمع المعارضة.
وأكد فريق مكلف التحقيق في انتهاكات مفترضة في فنزويلا أنه توصل إلى معرفة كيف ينفذ عناصر في أجهزة الاستخبارات أوامر الرئيس نيكولاس مادورو وآخرين في مخطط لخنق المعارضة، وفق وكالة الأنباء الفرنسية.
وقالت رئيسة البعثة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق في فنزويلا مارتا فاليناس: "بذلك، تُرتكب جرائم خطرة وانتهاكات لحقوق الإنسان بما في ذلك أعمال تعذيب وعنف جنسي".
وكانت البعثة التي أنشأها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في 2019 قد حذرت في تقريرها الأول قبل عامين من أن مادورو وكبار وزراء الحكومة يقفون وراء جرائم محتملة ضد الإنسانية.
ولم يتحسن الوضع منذ ذلك الحين، وفق البعثة التي سيصوت المجلس مطلع أكتوبر بشأن إمكانية مواصلتها عملها.
وقالت فاليناس: "ما زالت فنزويلا تواجه أزمة كبيرة في مجال حقوق الإنسان".
مادورو "يختار الأهداف"
في أحدث تقاريرهم غاص أعضاء الفريق في سلم القيادة وكيف استُخدمت أجهزة الاستخبارات لخنق أصوات معارضة.
وجاء في التقرير أن "الرئيس نيكولاس مادورو مدعوما بسلطات عليا أخرى، يبرز كمهندس رئيسي في تخطيط وتطبيق ومواصلة آلية تهدف إلى قمع المعارضة".
وأشار التقرير إلى ضلوع مادورو نفسه وآخرين في دائرته الضيقة في بعض الحالات في "اختيار أهداف" للاعتقال من جانب عملاء الاستخبارات بما يشمل معارضين سياسيين.
واستندت البعثة، التي لم يُسمح لها بدخول فنزويلا، في استنتاجاتها إلى ما يقرب من 250 لقاء سريا إضافة إلى تحليل وثائق قانونية.
وقالت إنها وثقت 122 حالة لضحايا تعرضوا لتعذيب وعنف جنسي و/ أو معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة" من جانب عملاء المديرية العامة لمكافحة التجسس العسكري.
وأضافت: "نُفذت أعمال التعذيب في مقراتها في كراكاس وفي شبكة من مراكز الاعتقال السرية في أنحاء البلاد".
تعذيب من خلال العنف الجنسي
قالت البعثة إنها حققت أيضا في 51 حالة على الأقل من حالات التعذيب والمعاملة السيئة لمعتقلين على أيدي جهاز الاستخبارات الوطني البوليفاري منذ 2014.
وتشمل هذه القضايا "سياسيين معارضين وصحفيين ومتظاهرين ومدافعين عن حقوق الإنسان"، على ما ذكرت البعثة، مضيفة أن معظم الانتهاكات حصلت في مركز الاحتجاز “إل إليكويد” في كراكاس.
وقال التقرير إن موظفين سابقين في جهاز الاستخبارات الوطني أبلغوا المحققين أنه في بعض الحالات "جاءت أوامر التعذيب من مادورو مباشرة"، وأورد أساليب تعذيب من بينها الصعق بالصدمات الكهربائية والخنق والوضعيات المجهدة.
وقالت البعثة: "استخدم كل من جهاز الاستخبارات الوطني والمديرية العامة لمكافحة التجسس العسكري، العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي على نطاق واسع لتعذيب وإذلال المعتقلين".
وأسِف الخبراء لأن السلطات الفنزويلية تقاعست عن محاسبة مرتكبي الانتهاكات.
وقال عضو البعثة، فرنسيسكو كوكس، في البيان إن "انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها وكالات استخبارات الدولة، والتي نُظمت على أعلى المستويات السياسية، حصلت في جو من الإفلات شبه الكامل من العقاب".
وضع "مقلق للغاية"
وفي تقرير منفصل الثلاثاء، ركزت البعثة أيضا على انتهاكات حقوق السكان المحليين في مناطق تعدين الذهب في ولاية بوليفار في جنوب فنزويلا.
وقالت المنظمة: "ارتكبت جهات حكومية وغير حكومية انتهاكات لحقوق الإنسان وجرائم ضد السكان المحليين في الصراع من أجل السيطرة على مناطق التعدين"، مشيرة إلى أعمال قتل واختفاء وابتزاز وعنف جنسي.
وأسف الخبراء لأن السلطات لم تفشل فقط في منع مثل هذه الانتهاكات والتحقيق فيها، بل تواطأت على ما يبدو مع جهات فاعلة غير حكومية في أجزاء من المنطقة.
ووصفت عضو البعثة، باتريسيا تاباتا فالديس، الوضع في بوليفار بأنه "مقلق للغاية".
وقالت: "السكان المحليون، بمن فيهم السكان الأصليون، عالقون في المعركة العنيفة بين الدولة والجماعات الإجرامية المسلحة للسيطرة على الذهب".
وبحسب منظمات حقوقية تشهد فنزويلا أزمة مستمرة لحقوق الإنسان.. وتواصلت سياسة القمع التي تنتهجها حكومة نيكولاس مادورو، بما في ذلك ورود مزيد من الأنباء حول عمليات الإعدام خارج نطاق القضاء، والاستخدام المفرط للقوة، وعمليات الاعتقال التعسفية، والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة لأولئك الذين يُتصوّر أنهم ينتقدون الحكومة.
وتعرّض المدافعون عن حقوق الإنسان، والصحفيون، والنشطاء للترهيب، والمضايقة، والاعتداءات، والاعتقال.
وازدادت حالة الطوارئ الإنسانية سوءاً، وتواصلت انتهاكات الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية مع ازدياد ضعف نظام الرعاية، ونقص المياه، والوقود، والمواد الغذائية، والكهرباء.
وظل الإفلات من العقاب على انتهاكات حقوق الإنسان هو العرف السائد.
وقد وثقت بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق المعنية بفنزويلا الإفلات الممنهج من العقاب ونددت به، وتبين لمكتب النائب العام للمحكمة الجنائية الدولية وجود أساس يدعو للاعتقاد بأن جرائم ضد الإنسانية قد ارتُكبت في فنزويلا، وأعلن فتح تحقيق رسمي.